إشراقاتهن

الإهداء

إلى المرأة العربية: (طائر الفينيق، الذي خرج من الرماد)، ثم انطلقت نحو النور، متحدية حواجز ظاهرة التمييز المزمنة.
أهدي هذا الكتاب
نـجاة
**
تمهيد
المرأة عبر العصور:
حدّثنا التاريخ عن أدوار لعبتها المرأة في العصور المختلفة، وعن عروش إعتلتها في الشرق والغرب.
قرأنا في الشرق قصص لملكات في العهود الفرعونية، والكلدانية، والفينيقية تؤكد قدراتها في شؤون الحكم والعمران.
وقرأنا في الغرب عن ظهور ملكات (خاصة في أروبا) تبعتها نهضة نسائية في القرن السادس عشر م. في فرنسا – في عهد فولتير- حين انتشرت الصالونات الأدبية النسائية.
كل هذا والمرأة الشرقية المعاصرة قابعة في ظلمة الجهل لا تشعر بما يدور حولها، حتى بدايات القرن العشرين، عندما بزغ فجر جديد يبشّر بشموع التجديد.
كانت شموع التجديد هذه "مستوردة" من الغرب، ظاهرها نشر الثقافة والتجديد وباطنها غايات تبشيرية. فاستفادت المرأة العربية منها، إذ تمكّنت من دخول المدارس ومن تحقيق بعضاً من ذاتها ومن طموحاتها.
وشيئاً فشيئاً بدأت تتفتح براعم واعدة. وتظهر باكورات وريادات وتنطلق مواهب نسائية كانت مُغيبة تماماً.
وما نراه اليوم في أوائل الألفية الثالثة للميلاد، يتحدث عن نفسه. بدءاً من تفوّقها في المدارس والجامعات، وصولاً إلى المراكز العلمية والأكاديمية والتكنولوجية التي بدأت تشغلها. فكانت قفزة نوعية تشكّل خطراً على الرجل في مواقع ومراكز اعتاد أن يحتكرها لعصور وعصور.
المهم أن يعلم الرجل الآن، أن الزمان لا يعود إلى الوراء. والمهم أن لا تكتفي المرأة بالقليل، أو تقف في منتصف الطريق.
والأهم أن لا ينسيها اندفاعها نحو الوصول إلى كامل حقوقها، أنها أمام خصم عنيد، ليس من السهل أن يغيّر طباعه البطرياركية التي مكّنته من استعبادها واستغلالها.
ولتكن خطواتها مدروسة إذا أرادت أن تتقدم في مسيرتها الحضارية، وأن لا تنسى دورها الذي ميّزتها به طبيعتها كأم ومربية للأجيال. وأن تتنبّه للمؤآمرات الجانبية مثل أساليب حذف نون التأنيث، الذي استورده الغافلون من الغرب، وتقبّلته الغافلات في بلادنا على أنه ضرب من ضروب الحضارة فأصبحت تسمى الدكتورة "دكتور"، والعضوة "عضو" والوزيرة "وزير" والمحامية "محامي" وهلم جراً. وهذا طبعاً للتمويه وصرف الأنظار عن حضورها في مثل هذه المراكز كأنثى.
وفي صفحات هذا الجزء من كتاب "المرأة في ذاكرة الزمن" سنجد المرأة الجديدة بعد انطلاقتها العلمية الحديثة، واشراقاتها الرائعة المبهرة.

نجاة
**

الباب الأول
ملكات من الشرق والغرب
**
ملكات من الشرق
1- الملكة "حتشبسوت" (المرأة الفرعون) 3500 سنة قبل الميلاد
2- الملكة "سميراميس" 1823 قبل الميلاد
3- الملكة "نڤرتيتي" 1390 قبل الميلاد
4- الملكة "بلقيس" "ملكة سبأ – القرن العاشر قبل الميلاد
5- الملكة "كليوباتره" – آخر ملكات مصر 69 قبل الميلاد
6- الملكة "زنوبيا" "ملكة تدمر" 272 ميلادي
7- الملكة "شجرة الدر" 1257
8- الملكة "اليسار ديدو" – ملكة قرطاج
9- الملكة "جيزيبل" الفينيقية – ملكة إسرائيل
والملفت حقاً أن نقرأ كل هذه الأسماء لملكات شرقيات منذ آلاف السنين. في حين أننا حالياً نادراً ما نجد في عالمنا العربي وزيرة أو نائبة في برلمان.
**
1 - حتشبسوت – "المرأة الفرعون"
ولدت منذ آلاف السنين قبل الميلاد.
يوم ولدت كان والدها يتمنّى أن يكون المولود ذكراً يرثه على عرش مصر. وما أن بلغت الرشد حتى أخذت تتجوّل في القصر تأمر وتنهي، ولكن جمالها وفتنتها كانا يُظهرانها بغاية الرقّة.
كانت والدتها الملكة "احموس" وكانت شرعية جلوس والدها على العرش مرتبطة بحياة زوجته ذات الدم الملكي، لأنه لم يكن من دم ملكي. وابنتهما "احتشبسوت" هي وحدها التي يحق لها أن تخلفهما بحكم القانون الكهنوتي المقدس، فأشار عليه كهنة آمون بوجوب التنازل عن الحكم لابنته. فتنازل الملك عن العرش لابنته التي لم تتجاوز الخامسة عشر من العمر، وأبلغ شعبه بأن ابنته ستأخذ مكانها فوق عرشه وتتولى الحكم بغير منازع.
أول عمل قامت به بعد زواجها من أخيها – غير الشرعي – "تحتمس الثاني" أنها كلفت المهندس العبقري الأمير "سينموت" أن يبني لها معبداً يفوق بفخامته وروعته كل ما رآه الناس.
وأمام حكمها وأحكامها رأى الأمراء والكهنة والنبلاء، أن أمامهم فرعوناً حقيقياً اكتمل جلاله بوجود لحية صغيرة فوق ذقنه.
وتحت صولجان المرأة فرعون، استطاعت مصر أن تغتني وتزدهر، وقامت المباني والمنشآت، وتوالى سير السفن في النيل، والقوافل في البر مُحمّلة بالمحاصيل الثمينة من البقاع النائية. ولإنها تعبد "حتشبسوت" استوردت الأخشاب من الصومال، أرض البخور والأخشاب والمر والأبانوس الأسود، وجلود الفهود والنمور .
حكمت البلاد ثلاثة عشر عاماً، بالرغم من المؤامرات التي انتهت بأن دُسّ لها السّم على أيدي تحوتمس الثالث وكهنة آمون، وشيّعت مومياء الملكة بوقار مُصطنع، ثم دُفنت في قبر سرّي لم يعرفه سواه. ولكن لم تمضِ أيام حتى نبش القبر سرّاُ ونُهبت محتوياته وألقيت مومياء أشهر ملكة جلست على عرش مصر في العراء.
**
2- الملكة نفرتيتي
(وراء كل رجل عظيم امرأة)
حكمت في الفترة بين 1390 – 1454 قبل الميلاد.
عُرفت بالملكة الجميلة، كانت زوجة الفرعون أمنحوتم الثالث، أحد فراعنة مصر. شاركت زوجها وشجّعته على ترك الآلهة التقليدية، واعتناق وحدانية الله. فغيّر اسمه إلى "إخناتون" بعد أن بدأ بعبادة الشمس كرمز للاله الواحد.
تُوفّيت الملكة نڤرتيتي عام 1354 قبل الميلاد، ولا يُعرف مكان مقبرتها حتى الآن. ولكن أُكتشف رأسها الجميل بعد اكتشاف مقابر تلّ العمارنة، ونُقل إلى متحف برلين، ثم اختفى أثناء الحرب العالمية الثانية.
**
3 - الملكة سميراميس
نشأت في مدينة بابل عام (1258 – قبل الميلاد) واسمها سميراميس أو سمّي رام. ذكرها المؤرخون اليونان على أنها ملكة عراقية، واعتبرها المؤرخون الألمان شخصية خرافية إلى أن عثر علماء الآثار الألمان عام 1909 على تمثال سمّي رام في خرائب مدينة "شرقاط" أول عاصمة أشورية، وحُفر على التمثال هذا النص: "إن أجل عودتي قد حان، فقل للكلدانيين أن ربيبتكم وملكتكم قد استحالت إلى أصلها".
وفي مسرحية الكاتب الفرنسي الأسطورية "ڤولتير" عن بابل عرّفها باسم سمّي رام أو سميراميس.
في عهدها حسّنت الأوضاع الأقتصادية والعمرانية، وبفضلها تحوّلت بابل إلى قطعة من الفردوس، فأقامت الحدائق، وبالأخص "الحدائق المعلّقة" التي اعتُبرت احدى عجائب الكون، ومَدّت الأقنية، وبَنَت الجسور وزَرعت الحدائق والبساتين.
وقد تباينت الآراء حول الملكة سميراميس، فمنهم من قال إنها ملكة عربية حكمت في القرن التاسع قبل الميلاد، وأن فتوحاتها اتّسعت وشملت فارس، والهند، وأرمينيا، ومصر وآثيوبيا.
ومن اكتشافات علماء الآثار في نمرود "كلخ اليوم" في ايران، نصباً يثبت وجودها ويلقي الضوء على حياتها. وهذا النصب محفوظ في المتحف البريطاني في لندن بعد أن شكّك بوجودها الكثيرون.
**
4 – الملكة بلقيس – ملكة سبأ
يشار في أكثر المراجع، إذا لم يكن كلها، الى أنها كانت فتاة إعرابية من قبيلة فيدار، وإنها أصبحت غنية وذكية تتصرّف بحكمة، وبما أنها بحاجة لاسواق جديدة لتصريف بضائع مملكتها وانتاجها. لفت أنظارها خبر سليمان، جمعت رجال البلاط، واستشارتهم حول القيام برحلة إلى مملكته، وعندما وافق الجميع أعدت للرحلة ألف قائد.
أصدرت قبل الرحيل أوامرها بأن يُنقل عرشها المُرصّع بالياقوت والزمرد واللؤلؤ، ويُحفظ في مكان أمين. كما أمرت رئيس الحرب أن يسهر جيداً على حماية العرش وكنوزه.
كثرت الحكايات عن الهدايا التي أخذتها معها لسليمان وعن الموكب العظيم الذي رافقها إلى أورشليم، ومعها جمال محملة أطياباً وذهباً كثيراً وحجارة كريمة.
كثرت التكهّنات التي منها أن الملكة بلقيس التي أقدمت على رحلة شاقة لتسمع حكمة سليمان، وأن الهدايا التي حملتها إلى الملك سليمان لا توجد إلاّ في بلاد ذات مستوى حضاري رفيع.
ومن الحكايات الكثيرة، حكاية التنافس الذي حدث بين الملكة بلقيس والملك سليمان. والروايات الأسطورية، التي تحمل الكثير من الرموز التي تشير إلى مكانة المرأة ومستوى حضارة بلادها والتقدم الذي بلغته في حينه. حتى أن المؤرخين ذكروا أن سدّ مأرب الذي شُيّد لري السهول والحقول في عهدها، كان فنّاً في هندسة البناء لم يُعرف من قبل.
ومن أهم انجازاتها بناء صهاريج عدن التي تُعتبر بدعة هندسية يزورها السوّاح الذين يقدرون المعالم التاريخية بالغة الأهمية.
من المؤرخين من قال: "توجهت بلقيس غرباً لتزور سليمان، وتبحث لها عن أسواق جديدة فتصل بواسطة سيطرته إلى موانئ الشاطئ ومدن الحضارات المزدهرة في ذلك الحين، وبينها الحضارة الفينيقية، كما أن سليمان كان بحاجة ماسة إلى الطيوب والبهارات والذهب والفضة والحجارة الكريمة المتوفرة بكثرة في مملكة سبأ. وانطلقت نظريات تقول بانها كانت قضية تبادل مصالح تجارية بين البلدين كما يحدث في عصرنا الآن.
**
5 - كليوباترة – ملكة مصر
حكمت في عهد أسرة البطالمة نسبة إلى بطلايموس أحد قادة اسكندر المقدوني، ويمكن أنها كانت من أصل مقدوني. وهي ابنة بطلايموس اوليت الذي توفى عام 51 قبل الميلاد، وأوصى بالخلافة لكليوباترة، وابنه بطلايموس الثاني بشرط أن يتزوّجا.
وعندما غزا قيصر روما الأسكندرية قُتل زوجها، فأحبت القيصر وعاشت معه كخليلة، وحاول مع روما أن يتزوج بها بعد أن رزقت منه بولد اسمه "سيزاريون" لكي يرث ابنها العرش، ثمّ قُتل القيصر بعد أن وضع تمثالاً ذهبياً لكليوباترة مكان تمثال ڤينوس وكان ذلك سببا لقتله خوفاً من أن يجعل كليوباتره ملكة على روما.
بعد مقتل قيصر، قامت حرب أهلية في روما وانقسموا إلى فريقين فانتصر مارك انتوني، وحضر إلى مصر فاستقبلته كليوباترة بترحاب أدّى إلى غرام كبير، فأرسلت زوجة أنتوني جيوشاً لمحاربة زوجها في مصر.
ويُحكى أنهما قررا الزواج لإضفاء الشرعية لأولادهما، لكن أنتوني هزم في معركة اسكندرية ففرت كليوباترة إلى قصرها، ولما انتحر أنتوني بين ذراعيها، حزنت حزناً شديداً. ولما علمت أن القائد المنتصر أوكتابيوس سيأسرها ويأخذها رهينة إلى روما، قررت الأنتحار بواسطة لدغة ثعبان وجد في سريرها.
**
6 – الملكة الزباء، أو زنوبيا "سلطانة الشرق"
كان اسمها الأصلي (بنت زباي) متحدرة من سلالة السميدع العربية الشريفة. تزوجت ملك ملوك تدمر "أذينة الحيراني" الذي ساد الشرق الروماني، وبسط سلطانه انطلاقاً من سوريا إلى الجوار، وكانت له حروب مع الفرس.
أنجبت منه 3 أولاد. وعندما توفي زوجها "أذينة" خلفه ابنه وهب اللآت القاصر فقامت زباء بالوصاية عليه، واستطاعت أن تستقل بتدمر من الدولة الرومانية. فأزالت اسم الأمبراطور اورليان عن النقود، ولقّبت إبنها "أوغسطس" وهو من ألقاب القياصرة وتولّت قيادة الجيش، ونشرت سلطانها على مصر.. والشام.. والعراق.. وآسيا الصغرى، الى أنقرة. وأوشكت أن تدخل بايثينيا Bythinia تحت لوائها.
كانت زنوبيا كثيرة الأعتماد على رجالها العرب والأرمن. ولكن ما بذله "أورليان" من المال لتفريق كلمة العرب جعل أهل الشام، وأهل المدائن يتفانوا في نصرته، فتمكّن من حصار تدمر, فلم ترَ زنوبيا مفراً من الفرار الى الفرس، ولكنه استطاع اللحاق بها. والقبض عليها عام 272 ميلادي، واستولى على خزائن تدمر المليئة بالمال والكنوز، على أنه سرعان ماعفا عنها، وأطلق سراح أهلها
ومرجع آخر يقول: "في عام 272 م . هاجمها أوريطانس الروم وأسرها. ولكنه كتب يقول" قد يضحك البعض لأني أحارب امرأة , ولكن زنوبيا عندما تُحارب تُصبح أفرس من الرّجال".
تفوّقت في السياسة ... أجادت اللغات: الآرامية ... القبطية ... اليونانية ... الفارسية وبعض اللاتينية، ووصفت بسداد الرأي واللطف وحسن التربية، ما لم يجتمع كملك أو حاكم. كانت مصر موطن جدّتها الأولى "كليوباترة" من ناحية أمها.
شيّدت الملكة زنوبيا أثناء حكمها مدينتين على ضفّتي نهر الفرات بعد انتصارها على القائد الروماني (هرقليانوس) في معركة كبيرة منحت لنفسها لقب "سلطانة الشرق". وازدهرت الحياة في عهدها، وعاش شعبها في يسر وأمان، كما اهتمت بالإصلاح الزراعي للبراري الواسعة حول مدينة تدمر، ومهّدت الطرق وطوّرت أساليب الرّي لجر المياه إلى الحقول المزروعة.
كان حلمها أن يرتقي أحد أولادها ذات يوم العرش الروماني.
وعندما أسرها قيصر روما، أمر أن يُكبّلوا الملكة الباسلة، ولكن بسلاسل من ذهب ونُقلت معها العربة المرصّعة بالذهب، المركبة التي أعدّتها لولديها عندما يستلمان الحكم ... وعاشت الملكة زنوبيا السنين الباقية من حياتها أسيرة مكرّمة في قصر يقع في ضواحي روما. وبقيت تُضرب بها الأمثال بالشجاعة وعزّة النفس عند العرب.
**
7 – الملكة شجرة الدُّر

شجرة الدّر المرأة الوحيدة التي جلست على عرش الخلفاء في مصر (1257)

"قصة السلطانة شجرة الدّر التي تحتلّ مقاماً رفيعاً في إمبراطورية النساء في الشرق، قصة حياة ترف وتنعُّم وموت مروّع، في إطار من الدم والمذابح."
تزوجت من السلطان الملك الصالح، وأنجبت له ولداً هو خليل، ونعمت معه برخاء عميم، وسعادة وارفة الظلال، تشاطر مجده، وقوته، ورفعة شأنه.
كانت مصر، ترتع في أمن، وسلام، وطمأنينة لما بدأت الحروب الصليبية. وعندما وصل الملك لويس التاسع الفرنسي بجيشه إلى المنصورة حيث دارت رحى معركة طاحنة. وفي وسط هذه المعارك الهائلة، وبينما كانت النفوس مضطربة تتوق إلى معرفة النتيجة ولمن ستكون الغلبة، توفى السلطان الملك الصالح أيوب على حين غرّة، (1249)، فاسودت الدنيا في عينيها ووقعت فريسة لألم نفسي شديد. وعملت جهدها للاحتفاظ بالنبأ الفاجع، وحبسه عن شعبها المناضل.
وكان لشجرة الدّر في سوريا خصم عنيد يدعى طوران شاه، ابن زوجها السلطان الملك الصالح. وكانت تعرف أنه من ألدّ خصومها وأكثرهم شعبية، وقوة، ونفوذاً. فلم يكد طوران يسمع بنبأ وفاة والده حتى خفّ إلى مصر يطالب بوراثة العرش. ولم يكتفِ بهذا، بل راح يلصق بشجرة الدر زوج أبيه التهم الشنيعة. ولم يستغرق تدبيرها المؤامرة لاغتيال طوران شاه وقتاً طويلاً.
ولما تخلّصت شجرة الدّر من غريمها، أعلنت نفسها سلطانة على مصر، وسمّيت "المعتصمة الصالحية أم خليل، عصمة الدنيا والدين، وملكة المسلمين". وهي المرأة الوحيدة التي جلست على عرش الخلفاء في مصر ... وإذ كان من المتعذر، بل من المستحيل عليها أن تمارس السلطة، لأنها امرأة، فقد تزوجت من الشاب أيبك، أحد الأمراء المماليك.
كانت الحياة السعيدة قد بدأت تبسم لشجرة الدّر. فهذا زوجها أيبك يفكر في زواج جديد.
ثارت ثائرتها حين ظهرت لها خيانة زوجها إياها ونكرانُه جميلَها، وجالت في خاطرها فكرة الثأر، وملكت عليها مشاعرها. وسرعان ما دبّرت قتله على أيدي عبيدها.
عرف الأمراء المماليك بمقتل الأمير أيبك، فتملّكهم غضب شديد، فجمعوا جموعهم واقتحموا القلعة الملكية وقتلوا السلطانة الشابة، وتركوا جثتها الجميلة على قارعة الطريق بعد أن نهبوا قصرها، ولم يتركوا لها إلاّ فرسها وحزامها المزركش.
**
8 – الملكة جيزابيل الفينيقية / ملكة اسرائيل Jezebel

هي ملكة اسرائيل، وزوجة الملك آهاب AHAB والأميرة الفينيقية، وإبنة ملك.
ذكرت في الانجيل في أكثر من آية، وخاصة في كتب الملوك Books of the kings. وطبقاً لكتب الملوك فإن جيزابيل حضرت الى المملكة الشمالية لاسرائيل لتتزوج الملك آهاب إبن الملك أومري OMRI.
ولأن والدها كان فينيقياً فإنها كانت تؤمن بآلهة آلهات مزتلفة مثل بعل BAAL ملك الاخصاب والنبات، وكما كان يعنقد الكنعانيون، في حين أن بني اسرائيل خالفوا أوامر يهوه وعبدوا آلهة مختلفة، وكانت الملكة جيزابيل لا تعبد يهوه الذي يعبده زوجها آهاب. هذا الى جانب أن زواجها كان زواج مصلحة لحماية الدولة الفينيقية، وكذلك لحماية طُرق التجارة التي كانوا يتبعونها في المنطقة.
ولاختلاف وجهات النظر الدينية، ونشاط المرأة وقوتها واحتمال العيش مع آراء الغير، بينما الاسرائيليون منغلقون ويخشون من الغريب ولا يتحمّلوه فحدثت المواجهة بين قساوسة الدينين يهوه وآليجا Yahwa & Eligah فقُتل زوجها آهاب، وقَتلوا جيزابيل، وتركوا جثتها تنهشها الكلاب.
ويختلف المؤرخون حول هذه الحوادث، ويعتمد الكثير منهم على ما كُتب في الانجيل فترجموها بمعان مختلفة. واطلقت عليها الأوصاف المسيئة.
**
9 – الملكة اليسار ديدو / ملكة قرطاج

تُدعى ملكة صور، ومؤسسة قرطاجة الفينيقية التي وصفت بالمدينة المشرقة. وهي التي ملكت 300 مدينة في غرب البحر الابيض المتوسط فأسست بذلك العالم الفينيقي.
هي حفيدة الملكة جيزابيل Jezebel وشقيقها بيغماليون Pygmalion ملك صور رجل الدين الذي انجبت منه هانيبال الذي حكم روما.
ولو أن تاريخ حياتها لم يُعرف بالكامل، الا أنه من المعروف انها ابنة الملك ماتن Matten ملك صور فورثت من بعذه المملكة مشاركة مع شقيقها بيجماليون Pygmalion الذي قتل زوجها، ولكن الشعب أراد ملكاً واحداً فغضب شقيقها، وهربت من صور، ووصلت اولاً الى قبرص حتى تموّن سفنها لرحلة طويلة. ولعلمها أن أهل صيدا قد جابوا البحار وأنشأوا حوالي 16 مركزاً للتجارة. وأخيراً وصلت مع مؤيديها الى ما تُعرف اليوم بدولة تونس، وأنشأت مدينة قرطاجة.
كان من أهم الانجازات لديها، اهتمامها بالعلوم، وخاصة الحساب والهندسة، فاخترعوا الدائرة، والمستطيل، والمثلث، والمربّع، وأدخلوها في علومهم ومبانيهم، وعماراتهم، وأشكالهم الهندسية، كما أنهم اتصلوا بالدول والمدن التي برعت بهذه الفنون مثل المصريين والبابليين، الى جانب اهتمامهم باللغات فتعلموا اللاتينية. كعادتهم البراعة بالتجارة فقد تاجروا مع جميع الحضارات الموجودة في ذلك الوقت.
**
اسطوريات ومعبودات

1- عشتروت: إلهة فينيقية كنعانية، تمثل الإخصاب والحرب
2- إيزيس: إلهة فرعونية يُعتقد انها كانت ابنة الأرض والشمس.
3- أفروديت " فينوس": إلهة اغريقية معروفة حتى يومنا هذا، رمز الجمال
4- عشتار: الألهة السومارية التي اعتُبرت ألهة الحب، وتشبّه بكوكب فينوس وهي شقيقة شمس إله الشمس وابنة إله القمر سن.
5- ديمتر "سيرس": إله الحصاد
6- ديانا "ارتميز": إلهة القمر
7- مينيرفا "أثينا": الهة الحكمة
8- هاتور "مصر القديمة": إله بيت حورس
**